فصل: بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَوْلِهِ الْوَزْنُ وَزْنُ أَهْلِ مَكَّةَ وَالْمِكْيَالُ مِكْيَالُ أَهْلِ الْمَدِينَةٍ

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: بيان مشكل الآثار **


بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي تَأْوِيلِ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ‏{‏وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنْ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ‏}

حَدَّثَنَا بَكَّارَ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو دَاوُد، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنِي خُبَيْبُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ قَالَ سَمِعْت حَفْصَ بْنَ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ يُحَدِّثُ عَنْ أَبِي سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى أَنَّهُ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ قَائِمًا يُصَلِّي فَدَعَاهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَلَمَّا صَلَّى أَتَاهُ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا مَنَعَك أَنْ تُجِيبَنِي أَمَا سَمِعْت اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ ‏{‏يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إذَا دَعَاكُمْ‏}‏ الآيَةَ‏,‏ ثُمَّ قَالَ لِي أَلاَ أُعَلِّمُك سُورَةً أَعْظَمَ سُورَةٍ فِي الْقُرْآنِ قَبْلَ أَنْ أَخْرُجَ مِنْ الْمَسْجِدِ فَمَشَيْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى كَادَ أَنْ يَبْلُغَ بَابَ الْمَسْجِدِ فَذَكَّرْتُهُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَاتِحَةُ الْكِتَابِ هِيَ السَّبْعُ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ الَّذِي أُوتِيتُهُ‏.‏

حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ خُبَيْبِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ عَنْ أَبِي سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى الأَنْصَارِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم دَعَاهُ وَهُوَ يُصَلِّي فَصَلَّى‏,‏ ثُمَّ أَتَاهُ فَقَالَ مَا مَنَعَك أَنْ تُجِيبَنِي إذْ دَعَوْتُك قَالَ إنِّي كُنْت أُصَلِّي قَالَ‏:‏ أَلَمْ يَقُلْ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إذَا دَعَاكُمْ الآيَةَ ثُمَّ قَالَ أَلاَ أُعَلِّمُك أَعْظَمَ سُورَةٍ فِي الْقُرْآنِ فَكَأَنَّهُ نَسِيَهَا أَوْ نُسِّيَ‏,‏ قُلْت يَا رَسُولَ اللَّهِ الَّذِي قُلْت قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ هِيَ السَّبْعُ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ الَّذِي أُوتِيتُهُ‏.‏

حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ يُونُسَ الْيَمَامِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا جَهْضَمُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ الْعَلاَءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إنَّ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَسُورَةً مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيَّ مِثْلَهَا‏,‏ فَسَأَلَهُ أُبَيٌّ عَنْهَا فَقَالَ إنِّي لاََرْجُو أَنْ لاَ تَخْرُجَ مِنْ الْبَابِ حَتَّى تَعْلَمَهَا فَجَعَلْت أَتَبَاطَأُ ثُمَّ سَأَلَهُ أُبَيٌّ عَنْهَا فَقَالَ كَيْفَ تَقْرَأُ إذَا قُمْت فِي صَلاَتِك قُلْت أُمَّ الْكِتَابِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِي التَّوْرَاةِ وَلاَ فِي الإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ أَوْ قَالَ الْفُرْقَانِ مِثْلَهَا إنَّهَا السَّبْعُ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ الَّذِي أُعْطِيتُهُ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَجَّاجُ بْنُ إبْرَاهِيمَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ عَنْ الْعَلاَءِ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَقَرَأَ عَلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أُمَّ الْقُرْآنِ فَقَالَ‏:‏ وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ فِي التَّوْرَاةِ وَلاَ فِي الإِنْجِيلِ وَلاَ فِي الزَّبُورِ وَلاَ فِي الْفُرْقَانِ مِثْلَهَا إنَّهَا لَسَبْعٌ مِنْ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ الَّذِي أُعْطِيتُهُ حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي ذِئْبٍ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْحَمْدُ لِلَّهِ هِيَ أُمُّ الْقُرْآنِ وَالسَّبْعُ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَفِي هَذِهِ الآثَارِ أَنَّ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ هِيَ السَّبْعُ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ وَقَدْ رُوِيَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي ذَلِكَ مَا حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ الْبُرْسَانِيُّ قَالَ أَخْبَرَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبِي أَنَّ سَعِيدَ بْنَ جُبَيْرٍ أَخْبَرَهُ أَنَّ ابْنَ عَبَّاسٍ قَالَ وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنْ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ قَالَ وَقَرَأَهَا عَلَيَّ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ الآيَةَ السَّابِعَةَ وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ قَالَ لِي ابْنُ عَبَّاسٍ‏:‏ قَدْ أَخْرَجَهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لَكُمْ‏,‏ وَمَا أَخْرَجَهَا لأَحَدٍ قَبْلَكُمْ

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَفِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ كَلاَمِ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ هِيَ السَّبْعُ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ‏.‏

حَدَّثَنَا بَكَّارَ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ قَالَ أَنْبَأَ ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنْ الْمَثَانِي قَالَ فَاتِحَةُ الْكِتَابِ ثُمَّ قَرَأَ ابْنُ عَبَّاسٍ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ وَقَالَ هِيَ الآيَةُ السَّابِعَةُ‏,‏ وَقَرَأَ عَلَيَّ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ كَمَا قَرَأَ عَلَيْهِ ابْنُ عَبَّاسٍ

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَكَانَ مَا فِي هَذَا الْحَدِيثِ خِلاَف مَا فِي حَدِيثِ ابْنِ مَرْزُوقٍ وَذَلِكَ أَنَّ فِي حَدِيثِ ابْنِ مَرْزُوقٍ أَنَّهَا السَّبْعُ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ‏.‏

وَفِي حَدِيثِ بَكَّارٍ هَذَا أَنَّهَا السَّبْعُ مِنْ الْمَثَانِي‏,‏ وَلَمْ يَذْكُرْ غَيْرَ ذَلِكَ فَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنْ الْمَثَانِي فَاتِحَةَ الْكِتَابِ الْمُرَادَةَ بِأَنَّهَا السَّبْعُ الْمَثَانِي وَأَنَّ مَعْنَى وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ أَيْ وَآتَيْنَاكَ الْقُرْآنَ الْعَظِيمَ وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّهُ جَاءَ بِالنَّصْبِ وَلَمْ يَجِئْ بِالْخَفْضِ مَعَ أَنَّهُ قَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي السَّبْعِ الْمَثَانِي مَا رَوَاهُ مُجَاهِدٌ عَنْهُ أَنَّهَا السَّبْعُ الطِّوَالُ كَمَا حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنْ الْمَثَانِي قَالَ السَّبْعُ الطِّوَالُ وَرُوِيَ عَنْهُ مِنْ رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْهُ مَا يُوَافِقُ مَا رَوَاهُ مُجَاهِدٌ عَنْهُ مِمَّا ذَكَرْنَا‏.‏

وَيُخَالِفُ مَا رَوَاهُ ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْهُ‏.‏

كَمَا حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ قُدَامَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ مُسْلِمٍ يَعْنِي الْبَطِينَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ أُوتِيَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم سَبْعًا مِنْ الْمَثَانِي الطِّوَالِ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ شُعَيْبٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ حُجْرٍ قَالَ أَنْبَأَ شَرِيكٌ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ ‏{‏سَبْعًا مِنْ الْمَثَانِي‏}‏ قَالَ السَّبْعُ الطِّوَالُ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَكَانَ الأَوْلَى بِمَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي ذَلِكَ لِمَا اُخْتُلِفَ فِيهِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْهُ مَا رَوَاهُ مُجَاهِدٌ عَنْهُ وَقَدْ رُوِيَ عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ أَنَّهَا فَاتِحَةُ الْكِتَابِ كَمَا حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ السُّدِّيِّ قَالَ سَمِعْت عَبْدَ خَيْرٍ الْهَمْدَانِيَّ قَالَ سَمِعْت عَلِيًّا يَقُولُ فِي قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ ‏{‏وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنْ الْمَثَانِي‏}‏ قَالَ فَاتِحَةُ الْكِتَابِ قَالَ ثُمَّ رَجَعْنَا إلَى طَلَبِ الْمَعْنَى لِمَا فِي حَدِيثِ أَبِي سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى وَلِمَا فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ فِي فَاتِحَةِ الْكِتَابِ أَنَّهَا السَّبْعُ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ الَّذِي أُعْطِيَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَوَجَدْنَا ذَلِكَ مُحْتَمِلاً أَنْ يَكُونَ أُرِيدَ بِهِ أَنَّهَا الْقُرْآنُ كُلُّهُ أَيْ فِي الثَّوَابِ بِهَا أَنَّهُ كَالثَّوَابِ بِالْقُرْآنِ كُلِّهِ كَمَا قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ أَنَّ الثَّوَابَ بِهَا كَالثَّوَابِ بِثُلُثِ الْقُرْآنِ‏.‏

وَأُطْلِقَ فِي بَعْضِ الآثَارِ أَنَّهَا ثُلُثُ الْقُرْآنِ كَمَا حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُعَاذٍ الْعَنْبَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا أَبِي، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مُدْرِكٍ عَنْ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ عَنْ الرَّبِيعِ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَيَعْجِزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَقْرَأَ ثُلُثَ الْقُرْآنِ كُلَّ لَيْلَةٍ قَالُوا وَمَنْ يُطِيقُ ذَلِكَ قَالَ ‏{‏قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ‏}‏‏.‏

وَكَمَا حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نُمَيْرٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ فُضَيْلٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا بَشِيرٌ أَبُو إسْمَاعِيلَ عَنْ أَبِي حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ أَقْرَأُ عَلَيْكُمْ ثُلُثَ الْقُرْآنِ فَقَرَأَ ‏{‏قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ‏}‏ حَتَّى خَتَمَهَا‏.‏

وَكَمَا حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُد، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ إسْمَاعِيلَ الْمُنْقِرِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو هِلاَلٍ‏,‏ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَنَسٍ‏,‏ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم‏,‏ قَالَ‏:‏ جَزَّأَ اللَّهُ الْقُرْآنَ ثَلاَثَةَ أَجْزَاءٍ فَقُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ جُزْءٌ مِنْهُ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ عَنْ شُعْبَةَ عَنْ أَبِي قَيْسٍ الأَوْدِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَيَعْجِزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَقْرَأَ ثُلُثَ الْقُرْآنِ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ فَكَبُرَ ذَلِكَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ قَالَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الصَّمَدُ ثُلُثُ الْقُرْآنِ‏.‏

وَكَمَا حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَابِقٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مِسْعَرُ بْنُ كِدَامٍ‏,‏ عَنْ أَبِي قَيْسٍ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَرْوَانَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ الأَوْدِيِّ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ الأَنْصَارِيِّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ‏:‏ أَيَعْجِزُ أَحَدُكُمْ أَوْ يُغْلَبَ أَنْ يَقْرَأَ كُلَّ لَيْلَةٍ ثُلُثَ الْقُرْآنِ فَكَأَنَّهُ ثَقُلَ عَلَيْهِمْ‏,‏ فَقَالَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ثُلُثُ الْقُرْآنِ حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حُصَيْنٌ عَنْ أَبِي قَيْسٍ الأَوْدِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ عَنْ أَبِي مَسْعُودٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَيَعْجِزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَقْرَأَ ثُلُثَ الْقُرْآنِ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ فَكَبُرَ ذَلِكَ فِي أَنْفُسِهِمْ قَالَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الصَّمَدُ ثُلُثُ الْقُرْآنِ

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَفِي هَذِهِ الأَحَادِيثِ أَنَّ ‏{‏قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ‏}‏ ثُلُثُ الْقُرْآنِ بِمَعْنَى أَنَّهَا ثُلُثُ الْقُرْآنِ بِالثَّوَابِ بِهَا‏,‏ وَقَدْ رُوِيَ أَنَّهَا تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ‏.‏

كَمَا حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى قَالَ أَنْبَأَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ أَنَّ مَالِكًا حَدَّثَهُ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ أَنَّ رَجُلاً سَمِعَ رَجُلاً يَقْرَأُ ‏{‏قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ‏}‏ يُرَدِّدُهَا فَلَمَّا أَصْبَحَ جَاءَ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ‏,‏ وَكَأَنَّ الرَّجُلَ يَتَقَلَّلُهَا فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إنَّهَا لَتَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ‏.‏

وَكَمَا حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ إسْمَاعِيلُ بْنُ إبْرَاهِيمَ الْهُذَلِيُّ الْقَطِيعِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي صَعْصَعَةَ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنِي أَخِي قَتَادَةَ بْنُ النُّعْمَانِ أَنَّ رَجُلاً كَانَ فِي زَمَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يَقْرَأُ ‏{‏قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ‏}‏ يُرَدِّدُهَا لاَ يَزِيدُ عَلَيْهَا وَلاَ يَنْقُصُ فَلَمَّا أَصْبَحْنَا أَتَى رَجُلٌ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ إنَّ فُلاَنًا قَامَ مِنْ اللَّيْلِ فَقَرَأَ ‏{‏قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ‏}‏ يُرَدِّدُهَا لاَ يَزِيدُ عَلَيْهَا وَلاَ يَنْقُصُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم‏:‏ وَاَلَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ إنَّهَا لَتَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ حَدَّثَنَا نَصْرُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ مُوسَى الصَّغِيرِ عَنْ هِلاَلِ بْنِ يَسَافٍ عَنْ أُمِّ الدَّرْدَاءِ عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ قَرَأَ ‏{‏قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ‏}‏ فَكَأَنَّمَا قَرَأَ ثُلُثَ الْقُرْآنِ‏.‏

وَكَمَا حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ وَالرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْجِيزِيُّ جَمِيعًا قَالاَ ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ بْنِ قَعْنَبٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُسْلِمٍ ابْنِ أَخِي الزُّهْرِيِّ عَنْ عَمِّهِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم سُئِلَ عَنْ قِرَاءَةِ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ فَقَالَ ثُلُثُ الْقُرْآنِ أَوْ تَعْدِلُهُ وَكَمَا حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا خَالِدُ بْنُ مَخْلَدٍ الْقَطَوَانِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ قَالَ حَدَّثَنِي سُهَيْلُ بْنُ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ‏.‏

وَكَمَا حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْمُعَلَّى بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ‏.‏

وَكَمَا حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُد، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَحْيَى‏,‏ وَهُوَ ابْنُ سَعِيدٍ عَنْ يَزِيدَ بْنِ كَيْسَانَ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو حَازِمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اُحْشُدُوا فَإِنِّي سَأَقْرَأُ عَلَيْكُمْ ثُلُثَ الْقُرْآنِ فَحَشَدَ مَنْ حَشَدَ فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَرَأَ ‏{‏قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ‏}‏ ثُمَّ دَخَلَ فَقَالَ بَعْضُنَا لِبَعْضٍ إنِّي أَرَى هَذَا خَبَرٌ جَاءَهُ مِنْ السَّمَاءِ فَذَاكَ الَّذِي أَدْخَلَهُ ثُمَّ خَرَجَ‏,‏ فَقَالَ إنِّي قُلْت لَكُمْ إنِّي سَأَقْرَأُ عَلَيْكُمْ ثُلُثَ الْقُرْآنِ أَلاَ إنَّهَا تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَكَانَ مَعْنَى مَا فِي هَذِهِ الأَحَادِيثِ مِنْ أَنَّ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنَ هُوَ مَعْنَى الأَحَادِيثِ الَّتِي رَوَيْنَاهَا قَبْلَهَا فِي قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ أَنَّهَا ثُلُثُ الْقُرْآنِ وَإِذَا جَازَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ فِي قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ بِمَعْنَى أَنَّهَا فِي الثَّوَابِ كَثُلُثِ الْقُرْآنِ جَازَ فِي فَاتِحَةِ الْكِتَابِ أَيْضًا فِي الآثَارِ الَّتِي رُوِيَتْ فِيهَا الَّتِي تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا لَهَا فِي هَذَا الْبَابِ أَنَّهَا الْقُرْآنُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّهَا فِي الثَّوَابِ بِهَا كَالثَّوَابِ بِالْقُرْآنِ كُلِّهِ‏.‏

وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي أَمْرِهِ لِلنَّاسِ بِالاِقْتِدَاءِ بِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَالاِهْتِدَاءِ بِهَدْيِ عَمَّارٍ وَالتَّمَسُّكِ بِعَهْدِ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ رضي الله عنهم

حَدَّثَنَا عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ الرَّقِّيُّ قَالَ حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ‏,‏ عَنْ مَوْلًى لِرِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ‏,‏ عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ‏,‏ قَالَ‏:‏ حَدَّثَنِي مَنْ لاَ أَتَّهِمُ يَعْنِي حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اقْتَدُوا بِاَللَّذَيْنِ بَعْدِي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَاهْتَدُوا بِهَدْيِ عَمَّارٍ وَتَمَسَّكُوا بِعَهْدِ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ‏.‏

حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَةَ قَالَ‏:‏ ثنا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ عَنْ حُذَيْفَةَ وَلَمْ يَذْكُرْ إبْرَاهِيمُ فِي حَدِيثِهِ عَنْ مَوْلًى لِرِبْعِيٍّ ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد قَالَ حَدَّثَنَا حَامِدُ بْنُ يَحْيَى الْبَلْخِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا زَائِدَةُ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ‏,‏ عَنْ رِبْعِيٍّ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ النُّعْمَانِ السَّقَطِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْحُمَيْدِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا زَائِدَةُ بْنُ قُدَامَةَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ عَنْ حُذَيْفَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ اقْتَدُوا بِاَللَّذَيْنِ بَعْدِي أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ‏.‏

حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ‏.‏

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حَامِدُ بْنُ يَحْيَى، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا ابْنُ عُيَيْنَةَ غَيْرَ مَرَّةٍ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ عَنْ رِبْعِيٍّ وَحَدَّثَنِيهِ مَرَّةً أُخْرَى فَ، قَالَ‏:‏ أَخْبَرَنِي زَائِدَةُ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ سَوَاءً فِي إسْنَادِهِ وَفِي مَتْنِهِ‏,‏ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُصْعَبُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الزُّبَيْرِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ الثَّوْرِيِّ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ هِلاَلٍ مَوْلَى رِبْعِيٍّ عَنْ رِبْعِيٍّ عَنْ حُذَيْفَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُد، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الآُوَيْسِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ الثَّوْرِيِّ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ هِلاَلٍ مَوْلَى رِبْعِيٍّ عَنْ رِبْعِيٍّ عَنْ حُذَيْفَةَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِثْلَهُ

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ قَالَ لَنَا ابْنُ أَبِي دَاوُد وَهَكَذَا كَانَ فِي كِتَابِهِ يَعْنِي الآُوَيْسِيَّ عَنْ مَنْصُورٍ لاَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ ثُمَّ حَدَّثَنِيهِ ابْنُ أَبِي دَاوُد مَرَّةً أُخْرَى فَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الآُوَيْسِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ سَعْدٍ عَنْ سُفْيَانَ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ عُمَيْرٍ عَنْ هِلاَلٍ مَوْلَى رِبْعِيٍّ عَنْ رِبْعِيٍّ عَنْ حُذَيْفَةَ ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ سَوَاءً‏.‏

وحَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى وَالرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ جَمِيعًا قَالاَ ثنا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ زَكَرِيَّا، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَالِمٌ أَبُو الْعَلاَءِ عَنْ عَمْرِو بْنِ هَرِمٍ عَنْ رِبْعِيِّ بْنِ حِرَاشٍ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اقْتَدُوا بِاَللَّذَيْنِ بَعْدِي أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعَلَيْكُمْ بِهَدْيِ عَمَّارٍ وَعَهْدِ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ سَالِمٌ أَبُو الْعَلاَءِ هَذَا هُوَ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ الْكُوفَةِ يُقَالُ لَهُ الأَنْعُمِيُّ وَهُوَ ثِقَةٌ مَقْبُولُ الرِّوَايَةِ‏.‏

وَقَدْ رَوَى عَنْهُ أَبُو نُعَيْمٍ وَقَالَ هُوَ سَالِمُ بْنُ الْعَلاَءِ أَبُو الْعَلاَءِ

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَتَأَمَّلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ فَكَانَ مَا فِيهِ مِمَّا أَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم النَّاسَ بِالاِقْتِدَاءِ بِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رضي الله عنهما مَعْنَاهُ عِنْدَنَا‏,‏ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنْ يَمْتَثِلُوا مَا هُمَا عَلَيْهِ‏,‏ وَأَنْ يَحْذُوا حَذْوَهُمَا فِيمَا يَكُونُ مِنْهُمَا فِي أَمْرِ الدِّينِ‏,‏ وَأَنْ لاَ يَخْرُجُوا عَنْهُ إلَى غَيْرِهِ ثُمَّ تَأَمَّلْنَا مَا أَمَرَهُمْ بِهِ مِنْ الاِهْتِدَاءِ بِهَدْيِ عَمَّارٍ رضي الله عنه فَوَجَدْنَا الاِهْتِدَاءَ هُوَ التَّقَرُّبَ إلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِالأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ‏,‏ وَكَانَ عَمَّارٌ مِنْ أَهْلِهَا فَأَمَرَهُمْ أَنْ يَهْتَدُوا بِمَا هُوَ عَلَيْهِ مِنْهَا‏,‏ وَأَنْ يَكُونُوا فِيهَا كَهُوَ فِيهَا‏,‏ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِمُخْرِجٍ لِغَيْرِهِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَنْ تِلْكَ الْمَنْزِلَةِ‏;‏ لأَنَّ الْقَصْدَ بِمِثْلِ هَذَا إلَى الْوَاحِدِ مِنْ أَهْلِهِ لاَ يَنْفِي بَقِيَّةَ أَهْلِهِ أَنْ يَكُونُوا فِيهِ مِثْلَهُ كَمَا يَقُولُ الرَّجُلُ مَوْضِعُ فُلاَنٍ مِنْ الْعِبَادَةِ الْمَوْضِعُ الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُتَمَسَّكَ بِهِ‏,‏ وَلَيْسَ فِي ذَلِكَ مَا يَنْفِي أَنْ يَكُونَ هُنَاكَ آخَرُونَ فِي الْعِبَادَةِ مِثْلَهُ أَوْ فَوْقَهُ مِمَّنْ يَجِبُ أَنْ يَكُونُوا فِي الاِهْتِدَاءِ بِهِمْ فِي ذَلِكَ كَالاِهْتِدَاءِ بِهِ فِيهِ‏.‏

وَقَدْ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ عُمَرَ الزَّهْرَانِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا زُهَيْرُ بْنُ مُعَاوِيَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا قَابُوسُ وَهُوَ ابْنُ أَبِي ظَبْيَانَ أَنَّ أَبَا ظَبْيَانَ حَدَّثَهُ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ عَنْ نَبِيِّ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ إنَّ الْهَدْيَ وَالسَّمْتَ الصَّالِحَ وَالاِقْتِصَادَ جُزْءٌ مِنْ خَمْسَةٍ وَعِشْرِينَ جُزْءًا مِنْ النُّبُوَّةِ

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَكَانَ ذَلِكَ الْهَدْيُ الْمَذْكُورُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مِنْ الأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ بِالْمَكَانِ الَّذِي هُوَ بِهِ مِنْ أَجْزَاءِ النُّبُوَّةِ‏,‏ وَالْهَدْيُ الْمُرَادُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ هُوَ التَّقَرُّبُ إلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِالأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ‏,‏ وَكَانَ ذَلِكَ مَوْجُودًا فِي عَمَّارٍ رضي الله عنه فَأَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم النَّاسَ أَنْ يَهْتَدُوا بِهِ فِي ذَلِكَ وَأَنْ يَجْعَلُوهُ إمَامَا لَهُمْ فِيهِ لاَ عَلَى إخْرَاجٍ مِنْهُ صلى الله عليه وسلم سِوَاهُ مِنْ أَصْحَابِهِ رضوان الله عليهم أَنْ يَكُونُوا فِي ذَلِكَ كَهُوَ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ عُبَادَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عُيَيْنَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ جَوْشَنٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ بُرَيْدَةَ الأَسْلَمِيِّ قَالَ كُنْت مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم نَمْشِي جَمِيعًا فَإِذَا نَحْنُ بِرَجُلٍ بَيْنَ أَيْدِينَا يُصَلِّي يُكْثِرُ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم‏:‏ عَلَيْكُمْ هَدْيًا قَاصِدًا قَالَهَا ثَلاَثًا فَإِنَّهُ مَنْ يُشَادَّ هَذَا الدِّينَ يَغْلِبْهُ‏.‏

فَكَانَ الْهَدْيُ الْقَاصِدُ فِي هَذَا هُوَ فِي الأَشْيَاءِ الْمُرَادِ بِهَا التَّقَرُّبُ إلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَأَمَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فِيهَا بِالْقَصْدِ لِيَدُومَ ذَلِكَ مِنْ أَهْلِهِ‏,‏ وَدَلَّ ذَلِكَ إلَى أَنَّ الْهَدْيَ هُوَ الْعَمَلُ الْمُتَقَرَّبُ بِهِ إلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ثُمَّ تَأَمَّلْنَا قَوْلَهُ صلى الله عليه وسلم وَتَمَسَّكُوا بِعَهْدِ ابْنِ أُمِّ عَبْدٍ مَا الَّذِي أَرَادَهُ بِهِ فَوَجَدْنَا اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ قَدْ قَالَ فِي كِتَابِهِ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً وَكَانَ ابْنُ أُمِّ عَبْدٍ رضي الله عنه مِنْهُمْ وَكَانَ مَعَ ذَلِكَ مِنْ الْهَدْيِ‏.‏

كَمَا حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ يَزِيدَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ الْكُوفِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ عَنِ الأَعْمَشِ عَنْ إبْرَاهِيمَ عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ كَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَعْنِي ابْنَ مَسْعُودٍ يُشَبَّهُ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم دَلِّهِ وَهَدْيِهِ وَسَمْتِهِ وَكَانَ عَلْقَمَةُ يُشَبَّهُ بِعَبْدِ اللَّهِ وَكَمَا حَدَّثَنَا يُوسُفُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ جَامِعٍ عَنْ شَقِيقٍ قَالَ أَبْصَرَ حُذَيْفَةُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ حِينَ خَرَجَ مِنْ دَارِهِ فَقَالَ مَا رَأَيْت أَحَدًا أَشْبَهَ دَلًّا بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ لَدُنْ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ دَارِهِ إلَى أَنْ يَدْخُلَ فِيهَا مِنْ صَاحِبِ هَذِهِ الدَّارِ وَلَقَدْ عَلِمَ الْمَحْفُوظُونَ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ مِنْ أَقْرَبِهِمْ إلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَسِيلَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ‏.‏

وَكَمَا حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا غُنْدَرٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ عَنْ سُلَيْمَانَ الأَعْمَشِ عَنْ أَبِي وَائِلٍ عَنْ حُذَيْفَةَ قَالَ لَقَدْ عَلِمَ الْمَحْفُوظُونَ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم أَنَّ ابْنَ أُمِّ عَبْدٍ مِنْ أَقْرَبِهِمْ إلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَسِيلَةً

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ وَلَمَّا كَانَ عَبْدُ اللَّهِ بِهَذِهِ الْمَنْزِلَةِ مِنْ الْهَدْيِ وَمِنْ الدَّلِّ فِي الدُّنْيَا وَمِنْ قُرْبِ الْوَسِيلَةِ إلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَانَ حَرِيًّا أَنْ يُتَمَسَّكَ بِعَهْدِهِ الَّذِي عَاهَدَ اللَّهَ عَلَيْهِ‏,‏ ثُمَّ لَمْ يَزُلْ عَنْهُ إلَى أَنْ يُوَافِيَهُ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ‏,‏ وَلَيْسَ ذَلِكَ بِمَانِعٍ أَنْ يَكُونَ فِي صَحَابَةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَنْ هَذِهِ مَنْزِلَتُهُ فِي الدُّنْيَا وَفِي تِلْكَ مَنْزِلَتُهُ فِي الآخِرَةِ‏,‏ وَمِمَّنْ يَسْتَحِقُّ مِنْ التَّمَسُّكِ بِعَهْدِهِ مِثْلَ الَّذِي اسْتَحَقَّهُ ابْنُ أُمِّ عَبْدٍ مِنْهُ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَوْلِهِ لِكُلِّ عَمَلٍ شِرَّةٌ

حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُرَيْجُ بْنُ النُّعْمَانِ الْجَوْهَرِيُّ قَالَ حَدَّثَنَا هُشَيْمٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا حُصَيْنٌ عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ إنَّ لِكُلِّ عَمَلٍ شِرَّةً‏,‏ وَلِكُلِّ شِرَّةٍ فَتْرَةٌ فَإِمَّا إلَى سُنَّةٍ وَإِمَّا إلَى بِدْعَةٍ‏,‏ فَمَنْ كَانَتْ فَتْرَتُهُ إلَى سُنَّتِي فَقَدْ اهْتَدَى‏,‏ وَمَنْ كَانَتْ فَتْرَتُهُ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَقَدْ هَلَكَ‏.‏

حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ عَنْ حُصَيْنٍ عَنْ مُجَاهِدٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لِكُلِّ عَمَلٍ شِرَّةٌ وَلِكُلِّ شِرَّةٍ فَتْرَةٌ فَمَنْ كَانَتْ فَتْرَتُهُ إلَى سُنَّةٍ فَقَدْ أَفْلَحَ وَمَنْ كَانَتْ فَتْرَتُهُ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَقَدْ هَلَكَ‏.‏

حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَحْيَى يَعْنِي‏:‏ ابْنَ سَعِيدٍ عَنْ سُفْيَانَ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ جَعْدَةَ بْنِ هُبَيْرَةَ قَالَ ذُكِرَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم مَوْلاَةٌ لِبَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ تُصَلِّي وَلاَ تَنَامُ وَتَصُومُ وَلاَ تُفْطِرُ‏,‏ فَقَالَ‏:‏ أَنَا أُصَلِّي وَأَنَامُ وَأَصُومُ وَأُفْطِرُ وَلِكُلِّ عَمَلٍ شِرَّةٌ وَلِكُلِّ شِرَّةٍ فَتْرَةٌ فَمَنْ كَانَتْ فَتْرَتُهُ إلَى سُنَّةٍ فَقَدْ اهْتَدَى وَمَنْ تَكُنْ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَقَدْ ضَلَّ‏.‏

حَدَّثَنَا فَهْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا جَرِيرُ بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ دَخَلْت أَنَا وَيَحْيَى بْنُ جَعْدَةَ عَلَى رَجُلٍ مِنْ الأَنْصَارِ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ ذُكِرَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَوْلاَةٌ لِبَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ثُمَّ ذَكَرَ بَقِيَّةَ هَذَا الْحَدِيثِ‏.‏

حَدَّثَنَا رَوْحُ بْنُ الْفَرَجِ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يُوسُفُ بْنُ عَدِيٍّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عُبَيْدَةُ بْنُ حُمَيْدٍ النَّحْوِيُّ عَنْ مَنْصُورٍ عَنْ مُجَاهِدٍ قَالَ‏:‏ دَخَلْت أَنَا وَيَحْيَى بْنُ جَعْدَةَ عَلَى رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ قِيلَ‏:‏ يَا رَسُولَ اللَّهِ إنَّ مَوْلاَةً لِمَوَالِي بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ ثُمَّ ذَكَرَ مِثْلَهُ وَزَادَ وَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي أَخْبَرَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُرَادِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَسَدُ بْنُ مُوسَى، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حَازِمٍ عَنْ مُسْلِمٍ الأَعْوَرِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إنَّ لِكُلِّ عَمَلٍ شِرَّةً ثُمَّ تَكُونُ شِرَّتُهُ إلَى فَتْرَةٍ فَإِنْ كَانَتْ فَتْرَتُهُ إلَى سُنَّتِي فَقَدْ هُدِيَ‏,‏ وَمَنْ كَانَتْ فَتْرَتُهُ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَقَدْ ضَلَّ إنِّي لاََقُومُ وَأَنَامُ وَأَصُومُ وَأُفْطِرُ فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي‏.‏

حَدَّثَنَا بَكَّارَ بْنُ قُتَيْبَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا صَفْوَانُ بْنُ عِيسَى، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَجْلاَنَ عَنْ الْقَعْقَاعِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ إنَّ لِكُلِّ عَمَلٍ شِرَّةً وَإِنَّ لِكُلِّ شِرَّةٍ فَتْرَةً‏,‏ فَإِنْ صَاحِبُهَا سَدَّدَ وَقَرَّبَ فَارْجُوهُ‏,‏ وَإِنْ أُشِيرَ إلَيْهِ بِالأَصَابِعِ فَلاَ تَعُدُّوهُ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَطَلَبْنَا مَعْنَى هَذِهِ الشِّرَّةِ الْمَذْكُورَةِ فِي هَذِهِ الآثَارِ مَا هُوَ فَوَجَدْنَا بَكَّارَ بْنَ قُتَيْبَةَ قَدْ حَدَّثَنَا، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ بَشَّارٍ قَالَ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرٍو عَنْ طَاوُسٍ قَالَ ذُكِرَ الاِجْتِهَادُ فَقِيلَ تِلْكَ حِدَّةُ الإِسْلاَمِ وَشِرَّتُهُ‏,‏ وَلِكُلِّ شِرَّةٍ فَتْرَةٌ فَمَنْ كَانَتْ فَتْرَتُهُ إلَى سُنَّةٍ فَقَدْ هُدِيَ‏,‏ وَمَنْ كَانَتْ فَتْرَتُهُ إلَى بِدْعَةٍ أَوْ ضَلاَلَةٍ فَقَدْ ضَلَّ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَوَقَفْنَا بِذَلِكَ عَلَى أَنَّهَا هِيَ الْحِدَّةُ فِي الآُمُورِ الَّتِي يُرِيدُهَا الْمُسْلِمُونَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ فِي أَعْمَالِهِمْ الَّتِي يَتَقَرَّبُونَ بِهَا إلَى رَبِّهِمْ عَزَّ وَجَلَّ‏,‏ وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَحَبَّ مِنْهُمْ فِيهَا مَا دُونَ الْحِدَّةِ الَّتِي لاَ بُدَّ لَهُمْ مِنْ التَّقْصِيرِ عَنْهَا وَالْخُرُوجِ مِنْهَا إلَى غَيْرِهَا‏,‏ وَأَمَرَهُمْ بِالتَّمَسُّكِ مِنْ الأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ بِمَا قَدْ يَجُوزُ دَوَامُهُمْ عَلَيْهِ‏,‏ وَلُزُومُهُمْ إيَّاهُ حَتَّى يَلْقَوْا رَبَّهُمْ عَزَّ وَجَلَّ عَلَيْهِ وَرُوِيَ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم فِي كَشْفِ ذَلِكَ الْمَعْنَى أَنَّهُ أَحَبُّ الأَعْمَالِ إلَى اللَّهِ أَدْوَمُهَا وَإِنْ قَلَّ وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ‏,‏ وَمَا قَدْ رُوِيَ فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ مِمَّا قَدْ تَقَدَّمَ مِنَّا فِي كِتَابِنَا هَذَا فَغَنِينَا بِذَلِكَ عَنْ إعَادَتِهِ‏,‏ وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَوْلِهِ الْمُسْلِمُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ وَيَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ لاَ يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ وَلاَ ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ

حَدَّثَنَا أَبُو الْقَاسِمِ هِشَامُ بْنُ مُحَمَّدٍ بْنِ قُرَّةَ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حُمَيْدٍ بْنِ أَبِي خَلِيفَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو جَعْفَرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَلاَمَةَ الأَزْدِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ أَبِي دَاوُد، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُسَدَّدُ بْنُ مُسَرْهَدٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا قَتَادَةَ عَنْ الْحَسَنِ عَنْ قَيْسِ بْنِ عَبَّادٍ قَالَ انْطَلَقْتُ أَنَا وَالأَشْتَرُ إلَى عَلِيٍّ عليه السلام فَقُلْنَا هَلْ عَهِدَ إلَيْكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَهْدًا لَمْ يَعْهَدْهُ إلَى النَّاسِ عَامَّةً قَالَ لاَ إِلاَّ مَا كَانَ فِي كِتَابِي هَذَا‏,‏ فَأَخْرَجَ كِتَابًا مِنْ قِرَابِ سَيْفِهِ فَإِذَا فِيهِ الْمُؤْمِنُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ وَيَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ وَهُمْ يَدٌ عَلَى مَنْ سِوَاهُمْ لاَ يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ وَلاَ ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ‏,‏ وَمَنْ أَحْدَثَ حَدَثًا فَعَلَى نَفْسِهِ‏,‏ وَمَنْ أَحْدَثَ حَدَثًا أَوْ آوَى مُحْدِثًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلاَئِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ‏:‏ فَتَأَمَّلْنَا قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْمُؤْمِنُونَ تَتَكَافَأُ دِمَاؤُهُمْ فَوَجَدْنَا أَهْلَ الْعِلْمِ جَمِيعًا لاَ يَخْتَلِفُونَ فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ أَنَّهُ عَلَى التَّسَاوِي فِي الْقِصَاصِ وَالدِّيَاتِ‏,‏ وَأَنَّ ذَلِكَ يَنْفِي أَنْ يَكُونَ لِشَرِيفٍ عَلَى وَضِيعٍ فَضْلٌ فِي ذَلِكَ‏,‏ وَأَنَّ ذَلِكَ كَانَ رَدًّا عَلَى أَهْلِ الْجَاهِلِيَّةِ فِي تَرْكِهِمْ قَتْلَ الشَّرِيفِ بِقَتْلِهِ الْوَضِيعَ وَفِي ذَلِكَ مَا قَدْ عَقَلْنَا بِهِ أَنَّ النِّسَاءَ فِي جَرْيِ ذَلِكَ كَالرَّجُلِ‏,‏ وَأَنَّ الرَّجُلَ يُقْتَلُ بِالْمَرْأَةِ كَمَا تُقْتَلُ الْمَرْأَةُ بِالرَّجُلِ ثُمَّ تَأَمَّلْنَا قَوْلَهُ صلى الله عليه وسلم يَسْعَى بِذِمَّتِهِمْ أَدْنَاهُمْ فَوَجَدْنَا الذِّمَّةَ الْمُرَادَةَ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ نَفْيَ الأَمَانِ‏,‏ وَأَنَّهُ إذَا أَعْطَى الرَّجُلُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ الْعَدُوَّ أَمَانًا جَازَ ذَلِكَ عَلَى جَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يَخْفِرُوهُ‏.‏

وَمِثْلُ هَذَا مَا قَدْ رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي أَمَانِ زَيْنَبَ ابْنَتِهِ أَبَا الْعَاصِ بْنَ الرَّبِيعِ الَّذِي كَانَ زَوْجُهَا كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى قَالَ أَنْبَأَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ لَهِيعَةَ عَنْ مُوسَى بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ عِرَاكِ بْنِ مَالِكٍ الْغِفَارِيِّ عَنْ أَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها أَنَّ أَبَا الْعَاصِ بْنَ الرَّبِيعِ قُدِمَ بِهِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَسِيرًا فَبَعَثَ إلَى زَوْجَتِهِ أَنْ خُذِي لِي جِوَارًا مِنْ أَبِيك‏,‏ فَلَمَّا دَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي صَلاَةِ الصُّبْحِ أَخْرَجَتْ زَيْنَبُ وَجْهَهَا وَقَالَتْ‏:‏ أَنَا زَيْنَبُ ابْنَةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَإِنِّي قَدْ أَمَّنْتُ أَبَا الْعَاصِ فَلَمَّا فَرَغَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ صَلاَتِهِ قَالَ هَذَا أَمْرٌ مَا عَلِمْتُ بِهِ حَتَّى الآنَ وَإِنَّهُ يُجِيرُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَدْنَاهُمْ وَكَمَا حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ بْنِ يُونُسَ الْبَغْدَادِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَبِيبٍ الرَّبَعِيُّ أَبُو سَعِيدٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَيُّوبُ بْنُ سُلَيْمَانَ بْنِ بِلاَلٍ قَالَ حَدَّثَنِي أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي أُوَيْسٍ قَالَ حَدَّثَنِي سُلَيْمَانُ بْنُ بِلاَلٍ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ وَصَالِحٍ يَعْنِي‏:‏ ابْنَ كَيْسَانَ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ زَيْنَبَ هَاجَرَتْ إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَزَوْجُهَا كَافِرٌ‏,‏ ثُمَّ لَحِقَ زَوْجُهَا بِالشَّامِ فَأَسَرَ الْمُسْلِمُونَ أَبَا الْعَاصِ فَقَالَتْ زَيْنَبُ‏:‏ إنِّي قَدْ أَجَرْت أَبَا الْعَاصِ فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَدْ أَجَرْنَاهُ‏,‏ وَقَالَ‏:‏ يُجِيرُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَدْنَاهُمْ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَدَلَّ مَا ذَكَرْنَا عَلَى أَنَّ الْجِوَارَ مِنْ بَعْضِ الْمُسْلِمِينَ كَالْجِوَارِ مِنْ كُلِّهِمْ‏,‏ فَاحْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم وَإِنَّهُ يُجِيرُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ أَدْنَاهُمْ يَكُونُ ذَلِكَ إرَادَةً مِنْهُ أَنَّ أَدْنَاهُمْ الْمَرْأَةُ‏,‏ وَاحْتُمِلَ أَنْ يَكُونَ أَدْنَاهُمْ هُوَ الْعَبْدُ‏,‏ وَيَكُونَ لَمَّا كَانَ أَدْنَاهُمْ وَكَانَ أَمَانُهُ جَائِزًا عَلَيْهِمْ أَنْ تَكُونَ الْمَرْأَةُ الْحُرَّةُ الْمُسْلِمَةُ بِذَلِكَ أَوْلَى مِنْهُ‏,‏ وَأَنْ يَكُونَ مَا كَانَ مِنْ خِطَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم الْمُسْلِمِينَ بِمَا خَاطَبَهُمْ بِهِ مِنْ هَذَا إعْلاَمًا لَهُمْ أَنَّ ذَلِكَ الْجِوَارَ لَمَّا كَانَ قَدْ يَكُونُ مِنْ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ كَانَ بِأَنْ يَكُونَ مِنْ الْمَرْأَةِ الْحُرَّةِ الْمُسْلِمَةِ أَحْرَى‏.‏

ثُمَّ تَأَمَّلْنَا قَوْلَهُ صلى الله عليه وسلم لاَ يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ وَلاَ ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ فَوَجَدْنَا أَهْلَ الْعِلْمِ فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ عَلَى مَذْهَبَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ‏:‏ فَطَائِفَةٌ مِنْهُمْ تَقُولُ ذَلِكَ عَلَى التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ فِي الْمَعْنَى لاَ يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ وَلاَ ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ بِكَافِرٍ فَيَكُونُ الْكَافِرُ الْمُرَادُ بِذَلِكَ هُوَ الْكَافِرُ غَيْرُ ذِي الْعَهْدِ‏,‏ وَهُمْ الَّذِينَ يَقُولُونَ إنَّ الْمُؤْمِنَ يُقْتَلُ بِالذِّمِّيِّ إذَا قَتَلَهُ عَمْدًا‏,‏ وَمِمَّنْ يَقُولُ ذَلِكَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَبُو يُوسُفَ وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ وَطَائِفَةٌ مِنْهُمْ تَقُولُ الْكَافِرُ الَّذِي لاَ يُقْتَلُ الْمَذْكُورُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ هُوَ الْكَافِرُ الْمُعَاهَدُ لاَ يُقْتَلُ فِي عَهْدِهِ عَلَى كَلاَمٍ مُسْتَقْبَلٍ بَعْدَ لاَ يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ‏,‏ وَبَعْدَ انْقِطَاعِ مَعْنَاهُ وَمِمَّنْ ذَهَبَ إلَى ذَلِكَ مِنْهُمْ‏,‏ وَتَأَوَّلَ هَذَا الْحَدِيثَ عَلَى هَذَا الْمَعْنَى الشَّافِعِيُّ فَلَمْ يَقْتُلْ الْمُؤْمِنَ بِالْكَافِرِ الْمُعَاهَدِ‏,‏ وَقَدْ كَانَ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ يَذْهَبُ إلَى هَذَا الْمَعْنَى أَنْ لاَ يُقْتَلَ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ مُعَاهَدٍ فَأَمَّا تَأْوِيلُ الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَيْنَاهُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِأَنْ لاَ يُقْتَلَ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ وَلاَ ذُو عَهْدٍ بِعَهْدِهِ فَإِنَّا لاَ نَرْوِي عَنْهُ فِي ذَلِكَ شَيْئًا وَلَمَّا أَشْكَلَ هَذَا الْمَعْنَى الَّذِي وَصَفْنَا وَوَقَعَ فِيهِ الاِخْتِلاَفُ الَّذِي ذَكَرْنَا تَأَمَّلْنَا ذَلِكَ فَوَجَدْنَا قَوْلَهُ صلى الله عليه وسلم وَلاَ ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ لاَ يَخْلُو مِنْ أَحَدِ وَجْهَيْنِ‏:‏ أَنْ يَكُونَ مَعْطُوفًا عَلَى مَا قَبْلَهُ كَمَا ذَهَبَ إلَيْهِ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ فِيهِ‏,‏ أَوْ عَلَى كَلاَمٍ مُسْتَأْنَفٍ بِمَعْنَى وَلاَ يُقْتَلُ ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ كَمَا قَالَ الشَّافِعِيُّ فَوَجَدْنَاهُمْ لاَ يَخْتَلِفُونَ أَنَّ ذَا الْعَهْدِ جَائِزٌ قَتْلُهُ بِمَنْ يَقْتُلُهُ قَوَدًا بِهِ‏,‏ فَكَانَ فِي ذَلِكَ مَا قَدْ دَلَّ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم وَلاَ ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ عَلَى نَفْيِ الْقَتْلِ عَنْهُ‏;‏ لأَنَّ ذَلِكَ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمَا وَجَبَ أَنْ يُقْتَلَ عَلَى حَالٍ مِنْ الأَحْوَالِ مَا كَانَ فِي عَهْدِهِ‏,‏ وَلَمَا وَجَبَ أَنْ يُقْتَلَ فِي عَهْدِهِ بِحَالٍ مِنْ الأَحْوَالِ‏.‏

عَقَلْنَا بِذَلِكَ أَنَّ الْمُرَادَ بِأَنْ لاَ يُقْتَلَ فِي عَهْدِهِ إنَّمَا هُوَ بِأَنْ لاَ يُقْتَلَ بِمَعْنًى خَاصٍّ‏,‏ وَلاَ خَاصَّ فِي هَذَا غَيْرُ الْكَافِرِ الْحَرْبِيِّ‏;‏ لأَنَّهُ انْعَطَفَ عَلَيْهِ فَصَارَ الْمُرَادُ بِأَنْ لاَ يُقْتَلَ أَيْ‏:‏ بِمَا لاَ يُقْتَلُ بِهِ الْمُؤْمِنُ الْمَذْكُورُ قَتْلُهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ‏,‏ وَعَادَ مَعْنَى قَوْلِهِ لاَ يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ وَلاَ ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ إلَى أَنْ لاَ يُقْتَلَ مُؤْمِنٌ وَلاَ ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ بِكَافِرٍ‏,‏ وَذُو الْعَهْدِ كَافِرٌ فَدَلَّ ذَلِكَ أَنَّ الْكَافِرَ الْمُرَادَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ هُوَ الْكَافِرُ غَيْرُ ذِي الْعَهْدِ‏,‏ وَأَنَّ قَوْلَهُ صلى الله عليه وسلم الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْهُ عَلَى التَّقْدِيمِ وَالتَّأْخِيرِ بِمَعْنَاهُ لَوْ قَالَ لاَ يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ وَلاَ ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ بِكَافِرٍ كَمِثْلِ قَوْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فِي كِتَابِهِ وَاَللَّائِي يَئِسْنَ مِنْ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إنْ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاَثَةُ أَشْهُرٍ وَاَللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ بِمَعْنَى‏:‏ وَاَللَّائِي يَئِسْنَ مِنْ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إنْ ارْتَبْتُمْ وَاَللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلاَثَةُ أَشْهُرٍ‏,‏ وَهَذَا قَوْلٌ النَّظَرُ يُوجِبُهُ‏,‏ وَالْقِيَاسُ يَشُدُّهُ‏;‏ لأَنَّا رَأَيْنَا ذَا الْعَهْدِ حَرُمَ دَمُهُ بِعَهْدِهِ كَمَا حَرُمَ مَالُهُ بِعَهْدِهِ‏,‏ وَقَدْ كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ حَلاَلَ الدَّمِ حَلاَلَ الْمَالِ‏,‏ ثُمَّ صَارَ بِالْعَهْدِ حَرَامَ الدَّمِ حَرَامَ الْمَالِ‏,‏ وَكَانَ مَنْ سَرَقَ مِنْ مَالِهِ مَا يَجِبُ الْقَطْعُ فِي مِثْلِهِ قُطِعَ فِي ذَلِكَ‏,‏ وَإِنْ كَانَ مُسْلِمًا كَمَا يُقْطَعُ فِي مِثْلِ ذَلِكَ إذَا سَرَقَهُ مِنْ مَالِ مُسْلِمٍ فَكَانَتْ حُرْمَةُ الْمَالِ بِالْعَهْدِ كَحُرْمَتِهَا بِالإِسْلاَمِ فِيمَا ذَكَرْنَا سَوَاءً‏,‏ أَوْ كَانَتْ الْعُقُوبَةُ عَلَى مُنْتَهِكِهَا كَالْعُقُوبَةِ عَلَى مُنْتَهِكِ مِثْلِهَا مِمَّا قَدْ حَرُمَ بِالإِسْلاَمِ‏.‏

وَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ فِي الأَمْوَالِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ فِي الدِّمَاءِ كَذَلِكَ‏,‏ وَأَنْ يَكُونَ الدَّمُ الَّذِي قَدْ حَرُمَ بِالْعَهْدِ كَالدَّمِ الَّذِي قَدْ حَرُمَ بِالإِسْلاَمِ‏,‏ وَأَنْ تَكُونَ الْعُقُوبَةُ بِانْتِهَاكِهِ لِحُرْمَتِهِ بِالْعَهْدِ كَالْعُقُوبَةِ فِي انْتِهَاكِهِ مِثْلَهُ لِحُرْمَتِهِ بِالإِسْلاَمِ‏,‏ بَلْ قَدْ رَأَيْنَا حُرْمَةَ الدِّمَاءِ فِي هَذَا فَوْقَ حُرْمَةِ الأَمْوَالِ‏;‏ لأَنَّا قَدْ رَأَيْنَا الْعَبْدَ يَسْرِقُ مَالَ مَوْلاَهُ فَلاَ يُقْطَعُ‏,‏ وَإِنْ كَانَ قَدْ سَرَقَهُ مِنْ حِرْزٍ وَرَأَيْنَاهُ يَقْتُلُ مَوْلاَهُ عَمْدًا فَيُقْتَلُ فَكَانَ الدَّمُ فِيمَا ذَكَرْنَا فِي الْحُرْمَةِ أَغْلَظَ مِنْ الْمَالِ فِيمَا ذَكَرْنَا فِي الْحُرْمَةِ‏,‏ وَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ‏,‏ وَكَانَتْ الْعُقُوبَةُ فِيهِمَا جَمِيعًا فِي غَيْرِ الأَوْكَدِ سَوَاءً‏,‏ كَانَتْ الْعُقُوبَةُ فِي الأَوْكَدِ مِنْهُمَا فِيمَا حَرُمَ بِالإِسْلاَمِ وَفِيمَا حَرُمَ بِالذِّمَّةِ أَحْرَى أَنْ يَكُونَا سَوَاءً أَوْ أَنْ تَكُونَ الْعُقُوبَةُ فِي انْتِهَاكِ الدِّمَاءِ الْمُحَرَّمَةِ بِالْمِلَّةِ وَبِالذِّمَّةِ سَوَاءً كَالْعُقُوبَةِ فِي الأَمْوَالِ الْمُحَرَّمَةِ بِالْمِلَّةِ وَالذِّمَّةِ الَّتِي قَدْ جُعِلَتْ سَوَاءً‏.‏

فَقَالَ قَائِلٌ فَهَلْ رُوِيَ هَذَا الْقَوْلُ فِي قَتْلِ الْمُؤْمِنِ بِالْكَافِرِ ذِي الْعَهْدِ عَنْ أَحَدٍ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم‏؟‏ قِيلَ لَهُ نَعَمْ قَدْ رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه كَمَا قَدْ حَدَّثَنَا إبْرَاهِيمُ بْنُ مَرْزُوقٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَيْسَرَةَ عَنْ النَّزَّالِ بْنِ سَبْرَةَ قَالَ‏:‏ قَتَلَ رَجُلٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ رَجُلاً مِنْ الْعِبَادِ فَذَهَبَ أَخُوهُ إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه فَكَتَبَ عُمَرُ أَنْ يُقْتَلَ فَجَعَلُوا يَقُولُونَ‏:‏ اُقْتُلْ حُنَيْنُ‏,‏ فَيَقُولُ‏:‏ حَتَّى يَجِيءَ الْغَيْظُ‏,‏ قَالَ‏:‏ فَكَتَبَ أَنْ يُودَى وَلاَ يُقْتَلَ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَهَذَا عُمَرُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ قَدْ أَمَرَ أَنْ يُقْتَلَ الْمُسْلِمُ بِالْكَافِرِ الْمُعَاهَدِ فَقَالَ قَائِلٌ فَكَيْفَ كَتَبَ عُمَرُ رضي الله عنه بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يُودَى وَلاَ يُقْتَلَ‏؟‏ قِيلَ لَهُ‏:‏ ذَلِكَ عِنْدَنَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ كَانَ مِنْ عُمَرَ رضي الله عنه لِمَا كَانَ مِنْ أَخِي الْمَقْتُولِ‏,‏ لَمَّا أُبِيحَ لَهُ قَتْلُ قَاتِلِ أَخِيهِ بِأَخِيهِ‏,‏ فَكَانَ يَقُولُ عِنْدَ ذَلِكَ حَتَّى يَجِيءَ الْغَيْظُ فَدَخَلَتْ بِذَلِكَ شُبْهَةٌ مِنْهُ احْتَمَلَتْ أَنْ يَكُونَ مَا كَانَ مِنْهُ بِمَعْنَى الْعَفْوِ عَنْ قَاتِلِ أَخِيهِ قَبْلَ أَنْ يَجِيءَ الْغَيْظُ‏,‏ فَيَكُونُ ذَلِكَ الْعَفْوُ فِي تِلْكَ الْحَالِ بُطْلاَنًا لِحَقِّهِ فِيهَا وَفِيمَا بَعْدَهَا‏,‏ وَاحْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ عَلَى خِلاَفِ ذَلِكَ مِمَّا لاَ عَفْوَ فِيهِ فِيهَا وَلاَ فِيمَا بَعْدَهَا فَكَتَبَ عُمَرُ رضي الله عنه عِنْدَ تِلْكَ الشُّبْهَةِ بِدَرْءِ الْقَوَدِ وَإِيجَابِ الدِّيَةِ مَكَانَهُ‏,‏ فَكَذَلِكَ يَنْبَغِي أَنْ يَفْعَلَ عِنْدَ دُخُولِ الشُّبَهِ بِدَرْءِ الْقَوَدِ‏,‏ وَيُوجِبَ الدِّيَاتِ مَكَانَهَا وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَوْلِهِ جَوَابًا لاِبْنِ عُمَرَ لَمَّا سَأَلَهُ عَنْ أَخْذِهِ الدَّنَانِيرَ بِالدَّرَاهِمِ وَالدَّرَاهِمَ بِالدَّنَانِيرِ فِي الْبَيْعِ إذَا كَانَ ذَلِكَ مِنْ صَرْفِ يَوْمِكُمَا وَافْتَرَقْتُمَا‏,‏ وَلَيْسَ بَيْنَكُمَا شَيْءٌ فَلاَ بَأْسَ

حَدَّثَنَا أَبُو أُمَيَّةَ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى الْعَبْسِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا إسْرَائِيلُ بْنُ يُونُسَ يَعْنِي‏:‏ عَنْ سِمَاكِ بْنِ حَرْبٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ أَتَيْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ فِي حُجْرَةِ حَفْصَةَ فَقُلْت‏:‏ يَا رَسُولَ اللَّهِ رُوَيْدَك أَسْأَلُك إنِّي أَبِيعُ الإِبِلَ بِالنَّقِيعِ فَأَبِيعُ بِالدَّنَانِيرِ‏,‏ وَآخُذُ الدَّرَاهِمَ وَأَبِيعُ بِالدَّرَاهِمِ وَآخُذُ الدَّنَانِيرَ‏,‏ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم‏:‏ إذَا كَانَ ذَلِكَ مِنْ صَرْفِ يَوْمِكُمَا وَافْتَرَقْتُمَا‏,‏ وَلَيْسَ بَيْنَكُمَا شَيْءٌ فَلاَ بَأْسَ‏.‏

حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ قَالَ ثنا إسْرَائِيلُ ثُمَّ ذَكَرَ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ لاَ بَأْسَ إذَا أَخَذْت بِسِعْرِ يَوْمِكَ‏.‏

حَدَّثَنَا صَالِحُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الأَنْصَارِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَبُو عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمُقْرِي ‏(‏ح‏)‏ وَحَدَّثَنَا يُونُسُ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ حَسَّانَ ‏(‏ح‏)‏ وَحَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ سِنَانٍ قَالُوا ثنا أَبُو الْوَلِيدِ الطَّيَالِسِيُّ وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ التَّيْمِيُّ وَعَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ إبْرَاهِيمَ الْجُدِّيُّ وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ الرَّبِيعِ اللُّؤْلُؤِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا إسْمَاعِيلُ بْنُ مَسْلَمَةَ الْقَعْنَبِيُّ أَبُو بِشْرٍ‏,‏ ثُمَّ اجْتَمَعُوا جَمِيعًا فَقَالَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ سِمَاكٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ ثُمَّ ذَكَرُوا جَمِيعًا مِثْلَهُ غَيْرَ أَنَّ بَعْضَهُمْ جَاءَ بِهِ عَلَى لَفْظِ حَدِيثِ أَبِي أُمَيَّةَ وَجَاءَ بِهِ بَعْضُهُمْ عَلَى لَفْظِ حَدِيثِ يَزِيدَ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ كَثِيرٍ‏,‏ فَقَالَ قَائِلٌ مَا مَعْنَى سِعْرِ الْيَوْمِ الَّذِي يَتَصَارَفَانِ فِيهِ‏,‏ وَقَدْ رَأَيْنَا الْبِيَاعَاتِ تَجُوزُ بَيْنَ النَّاسِ فِي مِثْلِ هَذَا بِسِعْرِ يَوْمِهَا وَبِأَكْثَرَ مِنْ سِعْرِ يَوْمِهَا‏,‏ وَبِأَقَلَّ مِنْ سِعْرِ يَوْمِهَا لاَ اخْتِلاَفَ بَيْنَ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي ذَلِكَ وَفِي جَوَازِهِ وَفِي اسْتِقَامَتِهِ‏,‏ فَمَا بَالُ سِعْرِ يَوْمِهَا اُلْتُمِسَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ فَكَانَ جَوَابُنَا لَهُ فِي ذَلِكَ بِتَوْفِيقِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَعَوْنِهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دَلَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ فِي سُؤَالِهِ إيَّاهُ عَمَّا سَأَلَهُ عَنْهُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ عَلَى الْوَرَعِ الَّذِي يَجِبُ عَلَى النَّاسِ اسْتِعْمَالُهُ فِيمَا سَأَلَهُ عَنْهُ‏,‏ وَإِنْ كَانَ الأَمْرُ لَوْ جَرَى بِخِلاَفِهِ فِيمَا سَأَلَهُ عَنْهُ لَمْ يَمْنَعْ ذَلِكَ مِنْ جَوَازِ الْبَيْعِ وَوُجُوبِهِ‏,‏ وَذَلِكَ أَنَّ مَنْ كَانَتْ لَهُ دَنَانِيرُ عَلَى رَجُلٍ أَوْ كَانَتْ لَهُ دَرَاهِمُ فَجَاءَ يَطْلُبُهَا مِنْهُ‏,‏ فَبَدَّلَ لَهُ مَكَانَ الدَّنَانِيرِ دَرَاهِمَ أَوْ مَكَانَ الدَّرَاهِمِ دَنَانِيرَ‏,‏ وَدَعَاهُ إلَى أَخْذِهَا بِاَلَّذِي لَهُ عَلَيْهِ مِنْ خِلاَفِهَا جَازَ أَنْ يَكُونَ يُرِيدُ مِنْهُ أَنْ يَهْضِمَهُ مِمَّا لَهُ عَلَيْهِ بِإِعْطَائِهِ بِهِ غَيْرَهُ وَتَدْعُو الضَّرُورَةُ صَاحِبَ الدَّيْنِ إلَى أَخْذِ ذَلِكَ‏,‏ وَاحْتِمَالِ الضَّيْمِ فِيهِ وَالْهَضِيمَةِ مِنْ دَيْنِهِ فَعَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ابْنَ عُمَرَ مَا يَكُونُ إذَا فَعَلَهُ بِخِلاَفِ ذَلِكَ‏,‏ وَأَنْ يَكُونَ يَعْتَبِرُ سِعْرَ يَوْمِهِ فِيمَا يُعْطِيهِ غَرِيمُهُ بِمَا لَهُ عَلَيْهِ مِنْ خِلاَفِ جِنْسِ مَا يُعْطِيهِ فَإِنْ كَانَ مَا يُعْطِيهِ سِعْرَ يَوْمِهِ يَهْنَأُ لِغَرِيمِهِ أَنْ يَتَحَوَّلَ عَنْهُ بِمَا يَأْخُذُهُ مِنْهُ إلَى مَنْ سِوَاهُ مِنْ الْبَاعَةِ فَيُعْطِيهِ ذَلِكَ بِمِثْلِ دَيْنِهِ الَّذِي كَانَ لَهُ عَلَى غَرِيمِهِ فَيَنْصَرِفُ مَوْفُورًا وَيَصِيرُ أَخْذُهُ ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ غَرِيمِهِ كَأَخْذِهِ إيَّاهُ مِنْ غَرِيمِهِ‏;‏ لأَنَّهُ قَدْ عَادَ إلَيْهِ مِثْلُ الَّذِي كَانَ لَهُ عَلَى غَرِيمِهِ‏.‏

وَاسْتَوَى أَخْذُهُ إيَّاهُ مِنْ غَيْرِ غَرِيمِهِ‏,‏ وَأَخْذُهُ إيَّاهُ لَوْ أَخَذَهُ مِنْ غَرِيمِهِ وَإِذَا أَعْطَاهُ بِغَيْرِ سِعْرِ يَوْمِهِ خِلاَفَ دَيْنِهِ مِمَّا إذَا تَحَوَّلَ بِهِ إلَى غَيْرِهِ مِنْ الْبَاعَةِ‏,‏ ثُمَّ طَلَبَ مِنْهُ أَنْ يُعْطِيَهُ بِهِ مِثْلَ دَيْنِهِ الَّذِي كَانَ لَهُ عَلَى غَرِيمِهِ لَمْ يُعْطِهِ ذَلِكَ لِمَا عَلَيْهِ فِيهِ مِنْ الْهَضِيمَةِ فَعَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ التَّوَرُّعَ مِنْ ذَلِكَ‏,‏ وَاسْتِعْمَالَ مَا لاَ هَضِيمَةَ فِيهِ عَلَى غَرِيمِهِ‏,‏ وَمَا يَسْتَطِيعُ غَرِيمُهُ أَنْ يَتَعَوَّضَ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ مِثْلَ دَيْنِهِ لاَ مَا يَسْتَطِيعُ ذَلِكَ‏,‏ وَهَذِهِ حِكْمَةٌ جَلِيلَةٌ لاَ يَحْتَمِلُهَا إِلاَّ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ وَهِيَ الَّتِي يَنْبَغِي لِذِي الْمُعَامَلاَتِ أَنْ لاَ يَعْدُوَهَا فِي مُعَامَلاَتِهِمْ إلَى مَا سِوَاهَا مِنْ أَضْدَادِهَا‏,‏ وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏

بَابُ بَيَانِ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ دُعَائِهِ لأَهْلِ مَدِينَتِهِ أَنْ يُبَارَكَ لَهُمْ فِي صَاعِهِمْ وَمُدِّهِمْ

حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الأَعْلَى، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ أَنَّ مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ أَخْبَرَهُ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَلْحَةَ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ‏:‏ اللَّهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِي مِكْيَالِهِمْ وَبَارِكْ لَهُمْ فِي صَاعِهِمْ وَفِي مُدِّهِمْ يَعْنِي‏:‏ أَهْلَ الْمَدِينَةِ حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ إِسْحَاقَ الْحَضْرَمِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا وُهَيْبُ بْنُ خَالِدٍ قَالَ حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ يَحْيَى الْمَازِنِيُّ عَنْ عَبَّادِ بْنِ تَمِيمٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم‏:‏ إبْرَاهِيمُ حَرَّمَ مَكَّةَ وَدَعَا لَهُمْ‏,‏ وَإِنِّي حَرَّمْت الْمَدِينَةَ وَدَعَوْت لَهُمْ بِمِثْلِ مَا دَعَا بِهِ إبْرَاهِيمُ صلى الله عليه وسلم لأَهْلِ مَكَّةَ أَنْ يُبَارَكَ لَهُمْ فِي مُدِّهِمْ وَصَاعِهِمْ‏.‏

حَدَّثَنَا يُونُسُ قَالَ أَنْبَأَ ابْنُ وَهْبٍ أَنَّ مَالِكًا أَخْبَرَهُ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ‏:‏ كَانَ النَّاسُ إذَا رَأَوْا الثَّمَرَ جَاءُوا بِهِ إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَإِذَا أَخَذَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم قَالَ‏:‏ اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي ثَمَرِنَا‏,‏ وَبَارِكْ لَنَا فِي صَاعِنَا‏,‏ وَبَارِكْ لَنَا فِي مُدِّنَا اللَّهُمَّ إنَّ إبْرَاهِيمَ عَبْدُكَ وَخَلِيلُكَ وَنَبِيُّكَ‏,‏ وَإِنِّي عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ وَإِنَّهُ دَعَا لِمَكَّةَ وَإِنِّي أَدْعُوكَ لِلْمَدِينَةِ بِمِثْلِ مَا دَعَاكَ بِهِ لِمَكَّةَ وَمِثْلِهِ مَعَهُ‏,‏ قَالَ ثُمَّ يَدْعُو أَصْغَرَ وَلِيدٍ يَرَاهُ فَيُعْطِيهِ ذَلِكَ الثَّمَرَ‏.‏

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَتَأَمَّلْنَا هَذِهِ الآثَارَ وَمَا فِيهَا مِنْ قَصْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِدُعَائِهِ بِالْبَرَكَةِ إلَى الصَّاعِ وَالْمُدِّ وَالْمِكْيَالِ فَكَانَ ذَلِكَ عِنْدَنَا مِنْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ، إرَادَةً مِنْهُ بِهِ الْبَرَكَةَ فِيمَا يُكَالُ بِالصَّاعِ وَالْمُدِّ وَالْمِكْيَالِ مِنْ الثِّمَارِ الَّتِي هِيَ أَمْوَالُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ‏,‏ وَمِنْهَا عَيْشُ سَاكِنِيهَا‏,‏ وَكَانَ قَصْدُهُ بِذَلِكَ إلَى الصَّاعِ وَالْمُدِّ وَالْمِكْيَالِ قَصْدًا مِنْهُ إلَى الْمَكِيلِ بِهَذِهِ الأَشْيَاءِ‏,‏ وَمِثْلُ هَذَا مِنْ كَلاَمِ الْعَرَبِ قَوْلُ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَاسْأَلْ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا وَالْعِيرَ الَّتِي أَقْبَلْنَا فِيهَا وَكَانَتْ الْمَدِينَةُ دَارَ الثِّمَارِ لاَ مَا سِوَاهَا‏,‏ فَقَصَدَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالدُّعَاءِ لأَهْلِ تِلْكَ الثِّمَارِ بِالْبَرَكَةِ فِيمَا يَعْتَبِرُونَ ثِمَارَهُمْ‏,‏ وَفِيمَا يَبِيعُونَهَا بِهِ‏,‏ وَفِيمَا يَقْضُونَ دَيْنَهُمْ مِنْهَا بِهِ‏,‏ وَفِيمَا يَعُولُونَ بِهِ مَنْ يَعُولُونَهُ‏,‏ وَلَمْ تَكُنْ دَارَ مَا يُسْتَعْمَلُ فِيهِ سِوَى الْمَكَايِيلِ مِنْ الْمَوَازِينِ‏,‏ فَيَحْتَاجُوا إلَى الدُّعَاءِ لَهُمْ بِالْبَرَكَةِ فِي مَوَازِينِهِمْ كَمَا احْتَاجَ إلَى الدُّعَاءِ لَهُمْ بِالْبَرَكَةِ فِي مَكَايِيلِهِمْ‏,‏ وَاَللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ بِمَنِّهِ وَكَرَمِهِ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَوْلِهِ الْوَزْنُ وَزْنُ أَهْلِ مَكَّةَ وَالْمِكْيَالُ مِكْيَالُ أَهْلِ الْمَدِينَةٍ

حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ الرَّقِّيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ حَنْظَلَةَ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم‏:‏ الْوَزْنُ وَزْنُ أَهْلِ مَكَّةَ وَالْمِكْيَالُ مِكْيَالُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَتَأَمَّلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ فَوَجَدْنَا مَكَّةَ لَمْ يَكُنْ بِهَا ثَمَرَةٌ وَلاَ زَرْعٌ حِينَئِذٍ‏,‏ وَكَذَلِكَ كَانَتْ قَبْلَ ذَلِكَ الزَّمَانِ أَلاَ تَرَى إلَى قَوْلِ إبْرَاهِيمَ صلى الله عليه وسلم رَبَّنَا إنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ‏.‏

وَإِنَّمَا كَانَتْ بَلَدَ مَتْجَرٍ يُوَافِي الْحَاجُّ إلَيْهِ بِالتِّجَارَاتِ فَيَبِيعُونَهَا هُنَاكَ بِالأَثْمَانِ الَّتِي تُبَاعُ بِهَا التِّجَارَاتُ‏,‏ وَكَانَتْ الْمَدِينَةُ بِخِلاَفِ ذَلِكَ‏;‏ لأَنَّهَا دَارُ النَّخْلِ وَمِنْ ثِمَارِهَا حَيَاتُهُمْ‏,‏ وَكَانَتْ الصَّدَقَاتُ تَدْخُلُهَا فَيَكُونُ الْوَاجِبُ فِيهَا مِنْ الصَّدَقَةِ يُؤْخَذُ كَيْلاً فَجَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الأَمْصَارَ كُلَّهَا لِهَذَيْنِ الْمِصْرَيْنِ أَتْبَاعًا‏,‏ وَكَانَ النَّاسُ يَحْتَاجُونَ إلَى الْوَزْنِ فِي أَثْمَانِ مَا يَتَبَايَعُونَ‏,‏ وَفِيمَا سِوَاهَا مِمَّا يَتَصَرَّفُونَ فِيهِ مِنْ التَّرْوِيجَاتِ وَمِنْ الْعُرُوضِ وَمِنْ أَدَاءِ الزَّكَوَاتِ وَمَا سِوَى ذَلِكَ مِمَّا يُسْلِمُونَهُ فِيهِ مِنْ غَيْرِهِ مِنْ الأَشْيَاءِ الَّتِي يَأْكُلُونَهَا‏,‏ وَكَانَتْ السُّنَّةُ قَدْ مَنَعَتْ مِنْ إسْلاَمِ مَوْزُونٍ فِي مَوْزُونٍ وَمِنْ إسْلاَمِ مَكِيلٍ فِي مَكِيلٍ وَأَجَازَتْ إسْلاَمَ الْمَكِيلِ فِي الْمَوْزُونِ وَالْمَوْزُونِ فِي الْمَكِيلِ وَمَنَعَتْ مِنْ بَيْعِ الْمَوْزُونِ بِالْمَوْزُونِ إِلاَّ مِثْلاً بِمِثْلٍ وَمِنْ بَيْعِ الْمَكِيلِ بِالْمَكِيلِ إِلاَّ مِثْلاً بِمِثْلٍ وَكَانَ الْمَوْزُونُ فِي ذَلِكَ أَصْلُهُ مَا كَانَ عَلَيْهِ بِمَكَّةَ يَوْمَ قَالَ لَهُمْ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْمِيزَانُ مِيزَانُ أَهْلِ مَكَّةَ وَكَانَ الْمَكِيلُ فِي ذَلِكَ أَصْلُهُ مَا كَانَ النَّاسُ عَلَيْهِ بِالْمَدِينَةِ يَوْمَ قَالَ لَهُمْ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْمِكْيَالُ مِكْيَالُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لاَ يَتَغَيَّرُ عَنْ ذَلِكَ‏,‏ وَإِنْ غَيَّرَهُ النَّاسُ كَمَا كَانَ عَلَيْهِ إلَى مَا سِوَاهُ مِنْ ضِدِّهِ فَيَرْجِعُونَ بِذَلِكَ إلَى مَعْرِفَةِ الأَشْيَاءِ الْمَكِيلاَتِ الَّتِي لَهَا حُكْمُ الْمِكْيَالِ إلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ أَهْلُ الْمَكَايِيلِ فِيهَا يَوْمَئِذٍ وَإِلَى الأَشْيَاءِ الْمَوْزُونَاتِ إلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ أَهْلُ الْمِيزَانِ فِيهَا يَوْمَئِذٍ وَأَنَّ أَحْكَامَهَا لاَ تَتَغَيَّرُ عَنْ ذَلِكَ‏,‏ وَلاَ تَنْقَلِبُ عَنْهَا إلَى أَضْدَادِهَا وَمِنْ هَذَا أَخَذَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ أَنَّ مَا لَزِمَهُ اسْمُ مَخْتُومٍ أَوْ اسْمُ قَفِيزٍ أَوْ اسْمُ مَكُّوكٍ أَوْ اسْمُ مُدٍّ أَوْ اسْمُ صَاعٍ فَهُوَ كَيْلٌ يَجْرِي فِيهِ أَحْكَامُ الْكَيْلِ فِي جَمِيعِ مَا وَصَفْنَا وَأَنَّ كُلَّ مَا لَزِمَهُ اسْمُ الرِّطْلِ وَالْوُقِيَّةِ فَهُوَ وَزْنٌ فِي جَمِيعِ مَا وَصَفْنَا حَدَّثَنَا بِذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِمْ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ الرَّبِيعِ اللُّؤْلُؤِيُّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَعْبَدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَلَمْ يُحْكَ فِيهِ خِلاَفٌ بَيْنَهُمْ‏,‏ وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏

بَابٌ بَيَانُ مُشْكِلِ مَا رُوِيَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ قَوْلِهِ الْوَزْنُ وَزْنُ أَهْلِ مَكَّةَ وَالْمِكْيَالُ مِكْيَالُ أَهْلِ الْمَدِينَةٍ‏.‏

حَدَّثَنَا أَبُو بِشْرٍ عَبْدُ الْمَلِكِ بْنُ مَرْوَانَ الرَّقِّيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا الْفِرْيَابِيُّ، قَالَ‏:‏ حَدَّثَنَا سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ عَنْ حَنْظَلَةَ عَنْ طَاوُسٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ‏:‏ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم‏:‏ الْوَزْنُ وَزْنُ أَهْلِ مَكَّةَ وَالْمِكْيَالُ مِكْيَالُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ

قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ فَتَأَمَّلْنَا هَذَا الْحَدِيثَ فَوَجَدْنَا مَكَّةَ لَمْ يَكُنْ بِهَا ثَمَرَةٌ وَلاَ زَرْعٌ حِينَئِذٍ‏,‏ وَكَذَلِكَ كَانَتْ قَبْلَ ذَلِكَ الزَّمَانِ أَلاَ تَرَى إلَى قَوْلِ إبْرَاهِيمَ صلى الله عليه وسلم رَبَّنَا إنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ‏.‏

وَإِنَّمَا كَانَتْ بَلَدَ مَتْجَرٍ يُوَافِي الْحَاجُّ إلَيْهِ بِالتِّجَارَاتِ فَيَبِيعُونَهَا هُنَاكَ بِالأَثْمَانِ الَّتِي تُبَاعُ بِهَا التِّجَارَاتُ‏,‏ وَكَانَتْ الْمَدِينَةُ بِخِلاَفِ ذَلِكَ‏;‏ لأَنَّهَا دَارُ النَّخْلِ وَمِنْ ثِمَارِهَا حَيَاتُهُمْ‏,‏ وَكَانَتْ الصَّدَقَاتُ تَدْخُلُهَا فَيَكُونُ الْوَاجِبُ فِيهَا مِنْ الصَّدَقَةِ يُؤْخَذُ كَيْلاً فَجَعَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الأَمْصَارَ كُلَّهَا لِهَذَيْنِ الْمِصْرَيْنِ أَتْبَاعًا‏,‏ وَكَانَ النَّاسُ يَحْتَاجُونَ إلَى الْوَزْنِ فِي أَثْمَانِ مَا يَتَبَايَعُونَ‏,‏ وَفِيمَا سِوَاهَا مِمَّا يَتَصَرَّفُونَ فِيهِ مِنْ التَّرْوِيجَاتِ وَمِنْ الْعُرُوضِ وَمِنْ أَدَاءِ الزَّكَوَاتِ وَمَا سِوَى ذَلِكَ مِمَّا يُسْلِمُونَهُ فِيهِ مِنْ غَيْرِهِ مِنْ الأَشْيَاءِ الَّتِي يَأْكُلُونَهَا‏,‏ وَكَانَتْ السُّنَّةُ قَدْ مَنَعَتْ مِنْ إسْلاَمِ مَوْزُونٍ فِي مَوْزُونٍ وَمِنْ إسْلاَمِ مَكِيلٍ فِي مَكِيلٍ وَأَجَازَتْ إسْلاَمَ الْمَكِيلِ فِي الْمَوْزُونِ وَالْمَوْزُونِ فِي الْمَكِيلِ وَمَنَعَتْ مِنْ بَيْعِ الْمَوْزُونِ بِالْمَوْزُونِ إِلاَّ مِثْلاً بِمِثْلٍ وَمِنْ بَيْعِ الْمَكِيلِ بِالْمَكِيلِ إِلاَّ مِثْلاً بِمِثْلٍ وَكَانَ الْمَوْزُونُ فِي ذَلِكَ أَصْلُهُ مَا كَانَ عَلَيْهِ بِمَكَّةَ يَوْمَ قَالَ لَهُمْ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْمِيزَانُ مِيزَانُ أَهْلِ مَكَّةَ وَكَانَ الْمَكِيلُ فِي ذَلِكَ أَصْلُهُ مَا كَانَ النَّاسُ عَلَيْهِ بِالْمَدِينَةِ يَوْمَ قَالَ لَهُمْ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم الْمِكْيَالُ مِكْيَالُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ لاَ يَتَغَيَّرُ عَنْ ذَلِكَ‏,‏ وَإِنْ غَيَّرَهُ النَّاسُ كَمَا كَانَ عَلَيْهِ إلَى مَا سِوَاهُ مِنْ ضِدِّهِ فَيَرْجِعُونَ بِذَلِكَ إلَى مَعْرِفَةِ الأَشْيَاءِ الْمَكِيلاَتِ الَّتِي لَهَا حُكْمُ الْمِكْيَالِ إلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ أَهْلُ الْمَكَايِيلِ فِيهَا يَوْمَئِذٍ وَإِلَى الأَشْيَاءِ الْمَوْزُونَاتِ إلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ أَهْلُ الْمِيزَانِ فِيهَا يَوْمَئِذٍ وَأَنَّ أَحْكَامَهَا لاَ تَتَغَيَّرُ عَنْ ذَلِكَ‏,‏ وَلاَ تَنْقَلِبُ عَنْهَا إلَى أَضْدَادِهَا وَمِنْ هَذَا أَخَذَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ أَنَّ مَا لَزِمَهُ اسْمُ مَخْتُومٍ أَوْ اسْمُ قَفِيزٍ أَوْ اسْمُ مَكُّوكٍ أَوْ اسْمُ مُدٍّ أَوْ اسْمُ صَاعٍ فَهُوَ كَيْلٌ يَجْرِي فِيهِ أَحْكَامُ الْكَيْلِ فِي جَمِيعِ مَا وَصَفْنَا وَأَنَّ كُلَّ مَا لَزِمَهُ اسْمُ الرِّطْلِ وَالْوُقِيَّةِ فَهُوَ وَزْنٌ فِي جَمِيعِ مَا وَصَفْنَا حَدَّثَنَا بِذَلِكَ مِنْ قَوْلِهِمْ مُحَمَّدُ بْنُ الْعَبَّاسِ بْنِ الرَّبِيعِ اللُّؤْلُؤِيُّ عَنْ عَلِيِّ بْنِ مَعْبَدٍ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَلَمْ يُحْكَ فِيهِ خِلاَفٌ بَيْنَهُمْ‏,‏ وَاَللَّهَ نَسْأَلُهُ التَّوْفِيقَ‏.‏